خروج الفرنج من بيت المقدس:-
بعدما دفع صاحب الرملة فدية ل١٨ الف من الاسرى ولم يستطع الباقى دفع الفدية وكان قوامهم ١٦ الف وأكثر وكان من ضمنهم نساء الملوك والذى ترهبت فيما بعد وبقيت فى القدس فعفى صلاح الدين عنهم وعن ما يملكون من الرجال والجوارى والمال وعلى أيضا عن ملكة القدس والذى كان قد اسر زوجها ووضعه فى نابلس وكانت قد استأذنته بأن تذهب الى زوجها فى نابلس فأذن لها وذهبت و اتت اليه زوجة صاحب الكرك وارادت أخذ ولدها التى كان أسير لدى صلاح الدين ولكن شرط عليها تسليم الكرك فى مقابل فك اسر ابنها ،فذهبت بعدما سمح لها صلاح الدين بأخذ أموالها ولم تسلم الكرك و أيضا خرج بطرك الفرنج الكبير بعد دفع الفدية و التى بلغت ١٠ دنانير وكانت معه أموال طائلة وكثيرة ،حتى نصح بعض الأمراء صلاح الدين ان يأخذ الأموال التى معه ويقوم بتعزيز قوة المسلمين به ولكنه رفض وقال( لا اغدر به) ..،حتى أنه وضع مع الاسرى من يحميهم حتى يصلوا الى مدينة صور ومن ضمن الأحداث التى وقعت بعد فتح القدس ،هو انه كان يوجد صليب كبير مذهب على قبة الصخرة فقام جماعة من المسلمين بإزالته فسقط فصاح الجمعان ،فالمسلمين كبروا والفرنج فجعوا لذلك وشهدت القدس أعظم ايامها فى ذلك اليوم وهو يوم الجمعة ،وقام بعد ذلك إعادة الأمور إلى القدس من جديد وقام بتنظيف وإعادة إعمار المسجد الاقصى وقبة الصخرة والتى جعلوها الفرنج اماكن راحتهم ،وفى يوم الجمعة من الأسبوع التالى للفتح والموافق ٤شعبان ٥٨٣هجريا صلاح الدين والمسلمين أجمعين فى المسجد الأقصى ثم فى قبة الصخرة وكان الخطيب والإمام هو محى الدين بن الزكى قاضى دمشق،وأمر صلاح الدين بنقل المنبر الذى صنعه نور الدين محمود من حلب إلى القدس ،والذى كان نور الدين رحمه الله زاد فى صنعه واتقانه فقيل انه استغرق عشر سنين بين عمل المنبر ونقله إلى المسجد الأقصى وقام صلاح الدين بعد ذلك بكشف قبة الصخرة بعدما قام الفرنج بتغطيتها بالرخام بعدما خاف ملوك الفرنج ان تفنى وذلك لان القساوسة كان يبتاعون قطعا منها بوزنها ذهبا للفرنج القادمين من البحر فقام صلاح الدين بأحاطتها الأبواب من الحديد ووضع لها من يحرسها وينظم شؤونها ووضع عندها القراء والمصاحف وقام أيضا بإعادة زخرفة وترميم المسجد الأقصى والذى استغرق سنوات وأطلق سراح الاسرى المسلمين الذين كانوا قد اسروا من قبل الفرنج واعطاهم المال وعادوا الى اهلهم سالمين وذكر انه ما فعله صلاح الدين من فتح القدس وإعادة الاسلام إليه لم يفعلها أحدا من قبله إلا الفاروق سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذكر أيضا أن المسيحين الذين بالقدس طلبوا من صلاح الدين البقاء فى القدس مقابل الجزية فأذن لهم و كانوا قد اشتروا الكثير من الأشياء الذى لم يستطع الفرنج حملها معهم بأرخص الأثمان .
▪°وما يجب علينا ذكره من مكانة القدس عامة والمسجد الاقصى خاصة فى قلوبنا ،انه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وإليه اسرى بالنبى وصلى فيه بالانبياء والرسل ومنه عرج إلى السماء فمن قام ببناءه هو سيدنا يعقوب عليه السلام بعدما قام سيدنا إبراهيم عليه السلام ببناء المسجد الحرام بأربعين سنة وقام سيدنا سليمان عليه السلام بتجديد المسجد الأقصى ،وبعدما انتهى سيدنا سليمان من تجديده طلب من الله ثلاثة اشياء"حكما يصادف حكمه و ملكا لا ينبغى لأحد من بعده و أن لا يأتى أحد إلى هذا المسجد لا ينهزه إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " ، اى من قصد المسجد الاقصى يبغى الصلاة فيه فقط وتاركا أمور الدنيا خرج من هناك وهو نقيا لا يحمل شئ على عاتقه رزقنا الله واياكم ذلك°▪
تنظيم شؤون بيت المقدس:-
بقى صلاح الدين فى القدس حتى ٢٥ شعبان سنة ٥٨٣هجريا حتى نظم شؤونها وبنى المدارس وأعاد الحياة من جديد إليها فذهب بعد ذلك إلى عكا وكانت وجهته هى مدينة صور و التى وصلها المركيش ،حيث ان مدينة صور أصبحت خالية من الحماية بعدما علم بقرب صلاح الدين منه بعدما فتح تبنين وصيدا وبيروت فقرر تركها والذهاب إلى طرابلس وبعد ذلك دخل مدينة صور شخص يدعى المركيش فيقال انه رجل ذو خبث وذكاء إذ أنه كان يقصد عكا للتجارة فوصل إلى عكا من البحر ولكنه لم يعلم بدخول المسلمين عكا فلما وصل إلى عكا علم بالأمر وأمره الأفضل ابن صلاح الدين ان يترك سفينته ويأتى إليه إلا أنه استعمل الحيلة واستطاع النجاة فوصل إلى صور وكان اهلها قد اجتمعوا على أن يطلبوا الأمان من صلاح الدين إلا أن المركيش مناهم ووحد كلمتهم واعطاهم المال ولكن بشرط أن يصبح هو القائم بأعمال المدينة فوافقوه ذلك فقام المركيش بتحصين صور فقام بتدعيم اسوارها ووصلها بالبحر من الجهة الاخرى حتى اصبحت كالجزيرة فى وسط الماء فهى محاطة من جميع الجهات الا جهة واحدة متصلة بالبر ،و فى ٩ رمضان وصل صلاح الدين الى نهر قريب من النهر انتظر به حتى اجتمع جنوده وفى ٢٢ رمضان وصل صلاح الدين الى تل قريب من سور البلد يرى منه القتال ووزع المهام على الجنود و كان ابناء صلاح الدين الأفضل و الظاهر غازى واخوه العادل وابن أخيه تقى الدين وأمراء صلاح الدين جميعهم يتناوبون على قتال الفرنج من ناحية البر ولكن كان الفرنج يحصر المسلمين بينهم فى البر وبين مراكبهم وسفنهم فى البحر حتى أحضر صلاح الدين السفن المصرية من عكا محملة بالرجال والعتاد فمنعت سفن الفرنج من الخروج لقتال المسلمين وأصبح القتال بين الفريقيين يسير فى البر ولكن فى إحدى الليالي أمن جنود صلاح الدين فى البحر الذين يمنعون خروج الفرنج فناموا فأصبحوا والفرج قد هاجمهم فقتل الكثير وأسر منهم والباقى أمر صلاح الدين بأن يذهب إلى بيروت ولكن لحق بهم الفرنج فلما رأى المسلمين جد الفرنج فى طلبهم تركوا السفن ألقوا بأنفسهم فى البحر وقرر صلاح الدين قتال الفرنج من البر واشتد القتال وأسر من الفرنج أحد أكبر فرسانهم فلما الأمر طال قرر صلاح الدين الرحيل عن صور والذهاب إلى عكا .
يقال ان هذا الحدث وقع بسبب تسامح صلاح الدين، فإنه عندما فتح المدن كعسقلان وعكا وبيت المقدس وغيرها كان يأمن الفرنج على أنفسهم ويرسلهم بأموالهم إلى مدينة صور حتى امتلئت المدينة بفرنج الساحل فصعب الفتح بعدما كانت المدينة خالية الا ان من اسباب ترك صلاح الدين فتح صور هى حصانتها ،فالتسامح مع الأعداء وإظهار الرحمة لمن لا رحمة له فهو ظلم للمظلوم وإحقاق للظالم ،فالأرض الخبيثة لا تنبت الا الخبيث ،فهم لا يرعون معروف قد اسديته لهم ،فهم يبدون الضعف والهون وبعد ذلك يسرقون ما بين يديك ويذكرون لك العدوة فقط.
صلى على النبى ❤
إرسال تعليق