صلاح الدين وفرنج صقلية:-
عندما سلموا فرنج اللاذقية البلد لصلاح الدين قرر فرنج صقلية والذين تحدثنا عنهم سابقا ان يأخذوا أهل اللاذقية غضباً منهم بسبب تسليمهم المدينة بسهولة حيث أرست سفنهم فى ميناء اللاذقية فلذلك خاف أهل اللاذقية الخروج وقرروا البقاء فى المدينة مقابل دفع الجزية لصلاح الدين وبعد حدوث ذلك ذهب قائد فرنج صقلية إلى صلاح الدين يطلب منه ان يكون هو وجنوده من ضمن جنوده فيساعدوه على فتح البلاد فى المقابل ان يرد اليهم بلدهم ولكن صلاح الدين رفض ذلك فعندها هددهُ القائد بأنه لن يستطيع مواجهة فرنج البحر ولكن صلاح الدين استهزئ بهم وأظهر قوته وأخبرهُ أنه سوف يذيقهم بمثل ما أذاق أصحابهم من القتل والأسر فعاد إلى جنوده خائب الرجاء.
فتح قلعة صهيون:-
وفى ٢٧ جمادى الأول خرج صلاح الدين من اللاذقية وسار إلى قلعة صهيون وهى من اكثر القلاع حصانة حيث توجد على قمة جبل حيث كان يحيط بها وادى عميق من جميع الجهات الا الجهة الشمالية و التى كان يلتصق بها جبل حيث صعد صلاح الدين ذلك الجبل ووضع عليه المجانيق وضرب به إحدى اسوارها حيث كانت تملك من الأسوار خمسة ثم ذهب صلاح الدين الى ولده الظاهر عند مكان ضيق فى الوادى المقابل للقلعة وكان مع ابنه الكثير من رجال حلب الذى عُرف عنهم الشجاعة ،فقام بنصب المجانيق فى ذلك المكان وقام بضرب أحد أسوارها وبعد ذلك سار إليهم صلاح الدين فى ٢ جمادى الآخرة فامتنع الفرنج على التسليم واحتموا بأعلى جزء من القلعة ولكن استطاع المسلمين تسلق هذا المكان حتى وصلوا وقاتلوهم ثم أحتمى الباقى منهم فطلبوا الأمان ولكن صلاح الدين رفض ذلك فدخلها صلاح الدين وتم نصر الله فقام صلاح الدين بتسليم القلعة إلى ناصر الدين منكوبرس صاحب قلعة أبى قبيس (قلعة فى مدينة حماة) وقد ملك المسلمين بعد ذلك الفتح حصن بلاطنوس والعيدو والجماهرتين ..
•من أهم الأشياء التى يجب أن نذكرها هى على الرغم من الاتساع الكبير لرقعة البلاد الاسلامية وخاصة فى ذلك المنطقة إلا أن الطريق الذى يصل إليها هو صعب العبور منه ،وهذا الطريق يمر بحصن بكسرائيل الذى يوجد بين مدينة جبلة وحماة حيث يوجد على قمة جبل ،وذلك لأن الطرق سهلة الوصول كان بين ايدى الاسماعيليين والفرنج• ..
•قلعة صهيون •
فتح قلعتى بكاس والشغر:-
بعد فتح حصن صهيون و ما حولها من الحصون كحصن بلاطنوس والعيدو والجماهرتين سار صلاح الدين الى قلعة بكاس وكان ذلك فى ٣ جمادى الأخر سنة ٥٨٤هجريا فلما وصل صلاح الدين الى بكاس وجدها خالية من الفرنج حيث قرروا ترك القلعة والذهاب إلى قلعة الشغر والاحتماء بها ، فدخل صلاح الدين قلعة بكاس دون قتال ثم سار بعد ذلك إلى قلعة الشغر وكانت بكاس والشغر موجودين فى الطريق المؤدى إلى جبلة واللاذقية وباقى البلاد الشامية وكانت الشغر من أحصن القلاع حتى انه لم يفلح المسلمين فى نقب أسوار القلعة بالمجانيق وفى وسط خيبة الأمل الذى تملكت المسلمين من صعوبة فتح هذه القلعة كان صلاح الدين متيقن ان نصر الله آت لا محالة وفى هذه الأثناء وصل رسول الفرنج يطلب الأمان من صلاح الدين على أنفسهم على أن يمهلهم ٣ أيام وذلك لأنهم طلبوا النجدة من بيمند صاحب أنطاكية حيث كانت القلعة تحت حكمه وإدارته وقرروا إما أن يرسل صاحب أنطاكية لهم من يساعدهم او ينجوا بأنفسهم ويسلموا القلعة حتى انقضى الثلاث أيام فسلم الفرنج القلعة لصلاح الدين فى يوم الجمعة ١٦ جمادى الاخر و جاء نصر الله بعدما يأس المسلمين فلولا الرعب الذى قذفه الله فى قلوب الفرنج ما استطاع أحد الدخول إلى قلعتهم وأخذها منهم.
فتح قلعة برزية:-
وأثناء انشغال صلاح الدين بالفتوحات قام الظاهر غازى ابن صلاح الدين بفتح سرمينيه فى ٢٣جمادى الأخر من نفس السنة حتى أصبحت معظم القلاع والحصون والبلاد التى تحت سيطرة صاحب أنطاكية(أعمال انطاكية) فى يد المسلمين وماتبقى منها سوى بغراس ودربساك(درب ساك) والقصير وفى ٢٤جمادى الأخر سار صلاح الدين الى قلعة برزوية (برزية) و التى تقابل قلعة أفامية (قريبة من سواحل الشام) وكانت قلعةحصينة موجودة على جبل عالى يحيط بها الأودية من أسفلها ويحيط بها الجبال من جميع جهاتها إلا الجهة الغربية منها يوجد به وادى قريب من القلعة يسهل القتال منه فعسكر به صلاح الدين ونصب فيه المجانيق ولكن لم تجدى نفعاً فقام بتقسيم الجنود إلى ثلاثة أقسام حيث يذهب القسم ويشتبك مع الفرنج ثم يعود ويستريح ويذهب القسم الثانى ثم يعود ثم القسم الثالث و يعاود الكرة مره أخرى وذلك لأن الفرنج عددهم لا يكفى لتقسيمهم إلى فرق و بسبب تعبهم من القتال المستمر سيسلمون القلعة وكانت الفرقة الأولى بقيادة عماد الدين زنكى بن مودود (صاحب سنجار) ثم عاد وذهبت الفرقة الثانية وبعد ذلك اتفقوا جميعهم وهجموا على الفرنج وذلك بعدما استراحت الفرقة الأولى وظهر التعب على الفرنج حتى قرروا العودة للقلعة فدخل معهم المسلمين وفى جهة الشرق وجد المسلمين ان الفرنج قد امنوا تلك الجهة لصعوبة الوصول إليهم من خلالها فوصل إليهم المسلمين بشق الأنفس ودخلوا القلعة واتحدوا مع المسلمين الذين دخلوا الى القلعة حتى استسلم الفرنج وأسروا وكان من ضمن الاسرى صاحب برزية وزوجته وأولاده وزوج ابنته فوزع الأسرى على العساكر وتم بيعهم فقام صلاح الدين بالبحث عنهم و شرائهم وجمع شملهم وأطلق سراحهم بالقرب من أنطاكية وذلك لأن زوجة صاحب برزية هى أخت زوجة صاحب أنطاكية التى كانت تساعد صلاح الدين فى الحصول على المعلومات المهمه والخاصة بشؤون أنطاكية وغيرها من البلاد.
فتح قلعتى دربساك و بغراس:-
بعدما فتح الملك صلاح الدين الأيوبي قلعة برزية سار إلى قلعة درب ساك الموجودة على نهر العاصى والقريبة من أنطاكية وكان يحكمها جماعة من فرنج الداوية ، فوصل صلاح الدين إليها فى ٨ رجب ٥٨٤هجريا وبدأ بضرب أسوار القلعة بالمجانيق ولكن لم يفلح فقرر أن يهجم بجنوده على القلعة وينقبوا أسوار القلعة وبالفعل نجحوا فى ذلك وفى هذه الاثناء أرسلوا فرنج الموجودين فى القلعة الى صاحب أنطاكية(بيمند) يطلبوا مساعدته ثم صبروا وصمدوا أمام المسلمين حتى تأتيهم مساعدة بيمند ولكن لم يساعدهم لضعفه وخوفه من صلاح الدين حتى قرروا الفرنج فى القلعة بتسليم القلعة بالأمان قبل أن يطولهم سيوف صلاح الدين ورجاله ويأخذون كل ما لديهم فوافق صلاح الدين على طلبهم ولكن بشرط وهو ان يخرجوا دون أن يحملوا معهم اى شئ من القلعة من المال والسلاح والدواب فوافقوا حتى سيرهم جميعا إلى أنطاكية وكان ذلك الفتح فى ١٩ رجب وبعدها سار صلاح الدين الى قلعة بغراس بعدما قرر فتحها بعد وقوع الخلاف بين رجالة فى أمر حصارها فمنهم من يروها منيعة و قريبة من أنطاكية ويخافون ان يخرج صاحب أنطاكية ليهاجمهم وهم قلة والبعض الآخر يرى فتحها فقام صلاح الدين بوضع الكثير من الجنود مقابل أنطاكية يفتحون البلاد حولها وهو مع بعض من رجالة يحاصرون بغراس ويفتحونها ولكن كل جهودهم فى فتح القلعة بائت بالفشل وذلك لحصانة القلعة ولكن قام بعد ذلك الفرنج بتسليم القلعة مثل ما حدث فى قلعة درب ساك و نصر الله المسلمين رغم صعوبة فتح هذه القلاع الحصينة.
هدنة صاحب أنطاكية مع صلاح الدين:-
بعدما فتح صلاح الدين قلعة بغراس أصبح جميع أعمال أنطاكية فى يديه إلا أنطاكية فقرر بعد ذلك السير إلى أنطاكية لفتحها ولكن عندما علم صاحب أنطاكية(بيمند) بسير صلاح الدين إليه ورغبته فى أخذ أنطاكية قرر أن يطلب هدنه بينهما فى مقابل ان يطلق سراح جميع الأسرى المسلمين عنده وذلك خوفاً من دخول صلاح الدين أنطاكية وأخذها منه وخاصة أن بيمند كان من عظماء الفرنج وبألاضافة إلى أنطاكية وأعمالها تحت حكمه و كانت أيضا طرابلس تحت حكمه حيث بعدما مات القمص صاحب طرابلس كما ذكرنا سابقا لم يكن للقمص وريث فأخذها بيمند وأعطاها لأبنه الأكبر ،واضطر صلاح الدين الى الموافقة حيث استشار رجالة فى الأمر وكان ردهم بالموافقة حتى يستريحوا ويعيدوا ترتيب الصفوف من جديد وخاصة أنهم كانوا غاضبين من المعارك المتتالية المستمرة ،فكانت الهدنة ٨ شهور حيث تبدأ من شهر أكتوبر(تشرين الأول )حتى شهر مايو(آيار).
صلاح الدين وأبن أخيه:-
فبعد حدوث هذه الهدنة رجع صلاح الدين الى حلب فى ٣ شعبان مُجيباً لطلب ابنه الظاهر (صاحب حلب) ثم سار إلى حماة عند بن أخيه تقى الدين فأعطاه حكم اللاذقية وجبلة ثم صار إلى قلعة بعلبك ثم وصل الى دمشق فى اول شهر رمضان المبارك ونصحوه بتفرقة الجنود فقال (إن العمر قصير والأجل غير مأمون وقد بقى بيد الفرنج هذه الحصون كوكب وصفد والكرك وغيرها ولابد من الفراغ منها فإنها فى وسط بلاد الإسلام ولا يؤمن شر اهلها وإن اغفلناهم ندمنا فيما بعد والله اعلم)..
قلعة الكرك:-
بعدما عاد صلاح الدين الى دمشق كان الفرنج فى قلعة الكرك قد نفذت المؤن لديهم وبدأوا فى أكل دوابهم وذلك بعدما امر صلاح الدين اخاه العادل بحصارهما وطالت مدة الحصار ،حتى استسلموا وطلبوا من صلاح الدين الأمان مقابل تسليم القلعة فوافقهم على ذلك وفتح صلاح الدين أيضاً حصن الشوبك وهرمز والوعيرة والسلع وانتشر الإسلام فى هذه المناطق وارتاحت المنطقة من شر اهلها وبقى صلاح الدين فى دمشق حتى منتصف شهر رمضان ثم سار إلى قلعة صفد وكان قد أرسل جنوده من قبل لمحاصرتها وكان الفرنج فى قلعة صفد قلقون بسبب قرب نفاذ المؤن لديهم وإن طالت مدة الحصار فسوف يهلكون على يد صلاح الدين فقرروا تسليم القلعة فأخذ صلاح الدين القلعة منهم وأرسلهم إلى مدينة صور.
قلعة صفد:-
من المواقف التى تذكر أنه أثناء حصار صلاح الدين لقلعة صفد قال الفرنج فى مدينة صور(إن فتح المسلمون قلعة صفد لم تبق كوكب ولو انها معلقة بالكوكب وحينئذ ينقطع طمعنا من هذا الطرف من البلاد ) فاتفقوا على إرسال ٢٠٠ فارس من الفرسان الاقوياء لديهم إلى قلعة صفد سرا ولكن تشاء الأقدار أن يخرج جندى من جنود صلاح الدين الذين يحاصرون قلعة كوكب وكان مقدمه قايماز النجمى كما ذكرنا سابقا فوجد الجندى رجل منهم فأمسك به وعرفه مكانهم وتم اسرهم جميعا فسار صلاح الدين الى قلعة كوكب فحصرها واشتد الحصار فأبى اهلها التسليم حتى استطاع صلاح الدين نقب سور القلعة فطلب الفرنج الأمان فأمنهم وأرسلهم إلى مدينة صور.
أخطاء صلاح الدين فى مواجهته للصليبيين:-
وذكر أن من أخطاء صلاح الدين و التى نبعت من تسامحه هو ترحيل فرنج القلاع والحصون التى يفتحها إلى صور حتى شكلوا قوة ستسبب الكثير من المتاعب للمسلمين فيما بعد وهذا ما سنذكره قريبا بأذن الله، وبعد فتح صلاح الدين قلعة كوكب وصفد أصبحت البلاد من أيلة إلى بيروت واعمالها ماعدا مدينة صور وأنطاكية وأعمالها ماعدا القصير فى ايدى المسلمين وبعد هذا الفتح ذهب صلاح الدين الى القدس وصلى هناك عيد الأضحى ثم سار إلى عكا وبقى هناك ومن أهم المواضيع الذى لم نركز عليها بالشكل المطلوب هم الشيعة وتعامل صلاح الدين معهم ومع دولتهم وهذا ماسنذكره بشكل منفصل ومفصل إن كان فى العمر بقية ولكن ما حدث فى نهاية هذه السنة وهى ٥٨٤هجريا قام جماعة من الشيعة وعددهم ١٢ رجل ساروا ليلا فى شوارع القاهرة يهتفون*ياآل على ،يالعلى بناءا* مستغلين غياب العادل عن مصر ومستخفين بقوة العزيز عثمان بن صلاح الدين ارادوا جمع الناس ليعيدوا دولتهم(الفاطمية) ولكن لم يسمع أحد من الشعب لهم حتى قبض عليه وسجنوا فلما بلغ ذلك صلاح الدين غضب فقام القاضى الفاضل وهو من أهم رجال صلاح الدين وأعظمهم مكانة عنده بتخفيف غضبه فقال له( أيها الملك ينبغى ان تفرح ولا تحزن حيث لم يصغ إلى دعوة هؤلاء الجهلة أحد من رعيتك ولا إلتفتوا إليهم ولو انك بعثت من قبلك جواسيس يختبرون رعيتك لسرك ما بلغك عنهم) فزال الغضب عن صلاح الدين وسر لذلك...
صلى على النبى ❤
إرسال تعليق